الجمعة، 13 مارس 2015

"طيّارون" بلا بكالوريا ولا مسابقات وشهادات طبية مزوّرة!

"طيّارون" بلا بكالوريا ولا مسابقات وشهادات طبية مزوّرة! 

 

ناجحون" دخلوا التربّص بمعدلات أقل من 5 على 20
 وزارة النقل فتحت تحقيقا.. والقضية أمام العدالة

تكشف وثائق بحوزة "الشروق"، التلاعبات الحاصلة في اختيار الطيارين المتربصين في شركة "طاسيلي للخدمات الجوية"، التابعة لمجمع سوناطراك، والمخالفات القانونية التي تكتنف تسيير الشركة وكذا التزوير في الشهادات الطبية لغرض تمكين أبناء مسؤولين في سوناطراك للظفر بالتربص، وهي الملفات المودعة على مستوى العدالة.

تحويل  الشركة عن مهامهما الأصلية 

 تكشف الوثائق- التي تحوز الشروق نسخة منها- أن شركة الطاسيلي للعمل الجوي التابعة لمجمع سوناطراك، التي أنشئت منذ 2011 لغرض العمل في مجال الإجلاء الطبي الجوي والميدان الزراعي والأسمدة ومكافحة الجراد وفك العزلة عن مناطق الجنوب.  ودفعت سوناطراك رأسمال يقدر بـ800 مليون دينار لإنشائها، تم تحويلها عن أهدافها وتغيير المشروع لتصبح شركة مختصة في تكوين الطيارين المتربصين، لتحويل أموال سوناطراك إلى الخارج بالاعتماد على صفقات التربص في الخارج دون اللجوء إلى المعاهد الوطنية، حيث تم التعاقد مع صربيا لتكوين المتربصين الذين تم اختيارهم بناء على مسابقة وطنية.

الشركة استقطبت أبناء المسؤولين بمعدلات أقل من 5 

 بداية الفضيحة كانت بعد الإعلان عن مسابقة لاختيار الطيارين المتربصين سنة 2009 لانتقاء 48 طيارا من مجمل 1000 اجتازوا الامتحان. ومن شروط الالتحاق الحصول على باكالوريا شعبة العلوم أو الرياضيات مع سنتين في الجامعة وعدم تجاوز 27 سنة  في يوم المسابقة مع إحضار شهادة طبية تثبت قدرة المترشح جسديا وعقليا حسب المرسوم 414-04، وإعفاء من الخدمة الوطنية بشرط ألا يكون بسبب طبي، وشهادة طبية بخصوص الوزن.

وهي الشروط التي ضرب بها عرض الحائط في الاختيار، حيث تظهر الوثيقة المقدمة في شكوى إلى القضاء ومصالح الضبطية القضائية أن هناك مترشحين تم قبولهم بمعدلات أقل من 5، وصلت حتى 2  . 44 من 20، ومنهم حتى من لم يجتز الامتحان ومستواه التعليمى أقل من الباكالوريا، حيث تم اختيار شخص بمستوى ثانية ثانوي وآخر بالباكالوريا فقط. وتبرز القائمة أسماء أبناء مسؤولين في سوناطراك، تم اختيارهم لا لكفاءتهم ومستواهم العلمي بل لنفوذهم ولاعتبارات أخرى، بدليل مخالفة القوانين المنصوص عليها أثناء إطلاق المسابقة من أجل هؤلاء بل وتمريرهم دون حتى اجتيازها، لتبقى المسابقات مجرد واجهة فقط، حيث اجتازها 1000 شخص ليختار 48، ثمانية منهم لم  يمتحنوا أصلا وتظهر مؤهلاتهم أنهم لم يتحصلوا على الباكالوريا، ومنهم  من لم يجتز حتى الخدمة الوطنية.

فضيحة التخلي عن الطيارين المتربصين بصربيا

وتكشف الشكاوى التي تقدم بها رئيس دائرة الإجلاء الطبي الجوي حسيان كوردولي- حسب ما قاله لـ "الشروق"- عن تفاصيل الصفقة لتحويل أموال سوناطراك إلى الخارج عن طريق منح صفقة التكوين لمدرسة غير جزائرية بصربيا والتي وضعت الجزائر في حرج بعد إرجاع الطيارين وإهمالهم في صربيا بسبب عدم منحهم المنحة، وهذا بحجة عدم توفر الشركة على العملة الصعبة، في حين قدرت المنحة بنحو 60 ألف أورو، والتي لم تعرف وجهتها بعد، حيث  تشير الشكوى أنه تم الاتصال يوم 5 نوفمبر 2012 بالخبير الطبي كوردولي لغرض المصادقة على خبرة طبية لـ10 طيارين كانوا بصربيا وتم إرجاعهم بسبب وضعهم الصحي، ليرفض هذا الأخير المصادقة على تقرير مزور دون فحص الطلبة خاصة أنهم كانوا في صربيا لا في الجزائر وهو المخالف للقانون، حسب ما أراده المسؤولون لأن المعنيين من أصحاب نفوذ وأبناء مسؤولين.

 واستمرت الضغوطات على الطبيب المحلف  للمصادقة على صفقة التكوين الغامضة، ليرفض  ذلك وتبدأ مشاكله مع الشركة- حسب شهاداته- حيث قال إنه أودع عدة شكاوى لدى مصالح الضبطية القضائية بخصوص ملف الفساد وصفقة التكوين منها عدة شكاوى أمام العدالة.

دعاوى ضد الطبيب الذي رفض "التزوير" 

وفي السياق، راسل  الخبير الطبي كوردولي حساين- حسب وثيقة تحوزها الشروق- وزير العدل لإعادة فتح ملف التحقيق الذي يخص قضية التزوير واستعمال المزور والنصب والاحتيال وتحويل  أموال التعاضدية وهذا بالموازاة مع انطلاق تحقيق في القضية على مستوى وزارة النقل بخصوص الصفقة الخاصة بتكوين الطيارين المتربصين، حيث تعرض هذا الأخير لضغوطات من قبل بعض الطلبة- حسبه- الذين استغلوا نفوذ مقربين لهم في وزارة الطاقة وسوناطراك، وتمت تنحيته من قبل مدير الموارد البشرية، الذي أدخل ابنه طيارا- حسبه- من دون اجتياز الامتحان ولم يؤد الخدمة الوطنية.

 وفي هذا السياق، راسل المعني وزير النقل يوم 4 جانفي 2015 للتحقيق في القضية. وبسبب كل هذه الشكاوى ورفض الطبيب كوردولي إمضاء شهادات مزورة تم الضغط عليه من خلال تكسير أبواب مكتبه، وكذا طرده من العمل منذ 17 شهرا دون منحه راتبه الشهري، وهو التوقيف المخالف لتعليمة سوناطراك،  N385/DCB-FIP/13 التي تنص على أنه يمنع توقيف أي طيار من دون تقرير صادر وموافقة الرئيس  المدير العام لسوناطراك، حيث تم تعيينه من قبل الرئيس المدير العام وتنحيته كانت من قبل مدير الموارد البشرية، كما  تمت متابعته- حسب تصريحاته- من قبل متربص يشغل منصب رئيس نقابة فيما لا يحق له ذلك وهو أيضا معفى بسبب طبي ولا يمكنه أن يتولى مهمة طيار ويوم الترشح كانت سنة تفوق 27 سنة.



الخبير القضائي في الطيران: "هذه فضيحة يجب عدم السكوت عنها"

أكد الطيار والخبير القضائي في الحوادث، زروق محمد رضوان، أنه تلقى صدمة بعد اطلاعه على ملف القضية والشكاوى المقدمة، مشيرا إلى أن ما يحصل خرق واضح لقانون الطيران المدني، وقوانين الملاحة الجوية، خاصة بالنسبة إلى الفحص الطبي وتزوير الشهادات الطبية لأن صحة الطيار هي أهم شيء للمحافظة على سلامة المسافرين، معتبرا أن ما حصل للطيار الجزائري بالصين خير دليل، وأضاف لـ "الشروق" أن الفحص الطبي للطيارين إجباري ويجب أن يكون من قبل لجنة حيادية ومختصة.. واللجوء إلى شهادات طبية مزورة للظفر بمنصب طيار هو جريمة يعاقب عليها القانون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق